الرئيسية لقاءات بيرزيت القانونية حيثيات قرار محكمة نيويورك في الإفراج عن الأموال المحتجزة لسلطة النقد الفلسطينية

حيثيات قرار محكمة نيويورك في الإفراج عن الأموال المحتجزة لسلطة النقد الفلسطينية

 
 
تناول د. جورج  العبد موضوع الحجز الذي فرض على أموال وتحويلات البنوك العاملة في أراضي السلطة وتبعات هذه القضية على سلطة النقد وعلى السلطة الفلسطينية بشكل عام.
 
 بداية رفعت القضية ضد منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية وحركة حماس في محكمة رود آيلاند من قبل محامون يهود وصهاينة في عام 2000 بدعوى من شخصين أمريكيين ظلوا على قيد الحياة اثر حادث إطلاق للنار تعرضت له عائلة يهودية في قضاء رام الله في1997 ، على الرغم أن محامي السلطة في ذالك الوقت رانزي كلارك المعارض للسياسات الأمريكية، استند لمفهوم السيادة الوطنية في محاولة منه لمنع النظر في هذه القضية أمام المحاكم الأمريكية لكنه لم يفلح وصدر الحكم ضد السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير وحركة حماس وجميع المؤسسات المرتبطة بها ومثيلاتها، وبتعويض قدره (16) مليون دولار. ومن ثم صدر الحكم النهائي بالتنفيذ والتحصيل من جميع المؤسسات المذكورة في القرار في آذار 2005، دون الإشارة الواضحة لسلطة النقد فيه.
 
في شهر آذار 2005 قام محامون أمريكيون بتفسير من هي المؤسسات التابعة للسلطة الفلسطينية وذكروا أنها صندوق الاستثمار وبكدار وسلطة النقد الفلسطينية.. وغيرها، وقاموا بتسجيل الكتاب لدى كاتب العدل في محكمة نيويورك وتم توزيعه على البنوك لحجز أموال وموجودات هذه المؤسسات.
 
لحسن الحظ لا توجد أية أموال أو موجودات لسلطة النقد في نيويورك، لكن السلطة وبحكم عملها تشرف على عمليات التسوية بالعملات الأربعة لكافة التحويلات بين البنوك العاملة في أراضي السلطة الفلسطينية، فقاموا بإيقاف المعاملات وحجز المبالغ المتعلقة بالتحويلات، دون إشعار أو إنذار بقرار الحكم أو حتى العلم به، علما أن قيمة الأموال المحتجزة تبلغ (30) مليون دولار .
بدأت سلطة النقد بالبحث عن طريقة للإفراج عن الأموال وتوكيل شركات محاماة في واشنطن ونيويورك، وتقدمت بطلب طارئ ومستعجل لفك الحجز لمحكمة رود آيلاند وهي المحكمة التي أصدرت القرار ، كما شمل الطلب تفسير المؤسسات التي يشملها القرار وهل من بينها سلطة النقد الفلسطينية؟؟
 
وفي نفس الوقت قامت السلطة بتسجيل قضية في SUPREM COURT  في نيويورك وقدم استدعاء بفك الحجز مرفق بإفادة من رئيس سلطة النقد توضح دور ومهام سلطة النقد الحقيقية في الرقابة على أعمال البنوك والإشراف على عمليات التسوية وتوضيح الأخطار والأضرار المترتبة  على استمرار الحجز على هذه الأموال .
 
طلبت المحكمة معرفة المزيد ولذا تم عقد جلسة في آب من نفس العام دامت أربعة أو خمسة أيام واستندت على شهادة الشهود من بينهم مراقب المصارف في سلطة النقد ومدير بنك فلسطين الدولي، وتمت الاستعانة بشهادة خبير فحواها أن التسويات التي تشرف عليها سلطة النقد الفلسطينية هي نفس عمليات التسوية التي يقوم بها أي بنك مركزي لإثبات أن السلطة هي بنك مركزي، كما ناقشت القاضية من هو المدين هل هو السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير وحماس وهل سلطة النقد الفلسطينية ضمن هذه القائمة وهل لدى هذه السلطة أموال أو ودائع للسلطة الفلسطينية؟
 
اعتمد دفاع سلطة النقد على مجموعة من الأدلة والبراهين منها المادة (2) من قانون سلطة النقد و التي مفادها أن هذه السلطة هي مستقلة وذات شخصية اعتبارية والمهم أنه لايوجد أية أموال أو موجودات للسلطة وما تم حجزه هو فقط معاملات وتسويات وليس أموال، كما أن هذا الحجز يخالف القوانين الأمريكية المتعلقة بحماية عمليات التحويل وأن شروط رفع الحجز متوافرة في هذه الدعوى لأن احتمال النجاج متوفر، والسلطة تعاني من ضرر جسيم من استمرار هذا الحجز، واستنادا لسوابق قضائية لبعض الحالات في كوبا ونيكاراغوا، صدر القرار لصالح سلطة النقد الفلسطينية في المقابل ألزمت المحكمة الطرف الآخر بعدم التدخل في أى من عمليات التسوية للسلطة، إلا أنه فرضت كفالة مالية مقدارها (30) مليون دولار على سلطة النقد الفلسطينية لتغطية حقوق الطرف الآخر، لم تنجح سلطة النقد حينئذ في في الحصول على قيمة هذه الكفالة، بسبب خوف هذه البنوك من التعامل مع مؤسسات فلسطينية استنادا إلى  reputation  risk لذا كان الخيار هو اللجوء إلى الحصول على القرار النهائي بدلا من الكفالة  Summary Judgment ولحسن الحظ في ذلك الوقت ودون ترتيب مسبق صدر قرار إيجابي من وزارة الخزينة الأمريكية ( OFAC ) وهي جهة تدير الشئون الخارجية للحكومة الأمريكية،  مفاده منع  المؤسسات الأمريكية من التعامل مع حكومة حماس مع بعض الاستثناءات من بينها مؤسسة الرئاسة وسلطة النقد ولجنة الانتخابات,,,
 
إلا أن الطرف الآخر حاول الدفع بأن رأس مال سلطة النقد وإن كان يخلو من مساهمات حكومية إلا أن أرباح هذه السلطة ستحول لوزارة المالية، إلا أنه تم تفنيد هذا الادعاء استنادا لنص قانون سلطة النقد الذي يعطي الصلاحية التقديرية لمجلس إدارة السلطة في تحويل أو عدم تحويل هذا الاحتياطي لوزارة المالية، وبناء على هذه الحيثيات قررت القاضية في قرارها في 2/نيسان 2006 أن موضوع القضية غير قابل للقضاء به في محاكم محلية واعتبار سلطة النقد بنك مركزي مستقل يباشر عمليات التسوية.
 
كما تطرق د. جورج العبد  للقضايا الأخرى المرفوعة ضد السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير وحركة حماس والمحاولات الصهيونية لإقحام سلطة النقد في هذه القضايا لكنه أكد أنه لن تنجح هذه المحاولات لأن القضية أصلا مقضي بها لأنها بين نفس الأطراف ولا توجد أسباب للطرف الاخر قد حرم من فرصة عدم إثارتها.
 
وفي النقاش أكد المتحدث أن نجاح سلطة النقد في كسب الدعوى مرده إلى استقلالية ومهنية وسلامة إجراءات عمل هذه السلطة.