الرئيسية لقاءات بيرزيت القانونية تخبط السلوك الأحادي الجانب: الحالة العراقية

تخبط السلوك الأحادي الجانب: الحالة العراقية

 
 
ضمن سلسلة لقاءات بيرزيت القانونية، استضاف معهد الحقوق يوم الخميس الموافق 6 تشرين الثاني 2008 البروفيسور روستان مهدي، أستاذ القانون الدولي والأوروبي في جامعة إكس مارسيليا III في فرنسا لإلقاء محاضرة تحت عنوان "تخبط السلوك الأحادي الجانب: الحالة العراقية".
 
وضح البروفيسور مهدي أن استهداف العراق كان مبرراً باتهامها بامتلاك أسلحة الدمار الشامل، ومع هذا فإن الولايات المتحدة الأمريكية لم تقدم تبريراً مقنعاً للحرب على العراق. إلا أنها ولربما استندت لنظرية الدفاع الوقائي. ومع هذا وفي حال الاستناد لهذة النظرية فأنة من الواجب الاستناد الى عنصر التأكيد قبل الاقدام على مثل هذا الهجوم.
 
وأوضح مهدي أنه وفي الحالة العراقية لم يكن هنالك أي من حالات تبريراستعمال القوة، مشيراً أنه لم يكن هنالك أي حالة من حالات الاعتداء المحقق أو المتوقع الوشيك الوقوع. كذلك إن المعلومات المتوفرة حول كمية الأسلحة المتوفرة وما كان بحوزة العراق من أسلحة وذخائر ماهي إلا معلومات محدودوة لاترتقي لأن تقف مبرراً مقنعاً أمام منصة مجلس الأمن. مضيفاً أنة ولكي نتمكن من تحديد مدى الخطورة التي تنشأ عن دولة معينه يجب أن تكون المخاطر محدقة وناشئة عن أسباب محددة بعينها.
 
كذلك وضح مهدي مبدأ التناسب في حال وجود الخطر المحدق، والمقصود بمبدأ التناسب بشكل أساسي التناسب بين الهدف والوسائل المستعملة، ولتوضيح ذلك ضرب المتحدث مثلاً متسائلاً حول "إمكانية استعمال دبابة للنيل من ذبابة؟" بالتالي وفي حالة العراق، فقد استخدمت الولايات المتحدة قرار مجلس الأمن لدعم دخولها على العراق واستخدمت حق العقاب بالقوة على كل دولة لا تحترم أو تعتد بالقوانين الأمريكية.
 
وبدوره عرج البروفيسور مهدي على العوامل التي تساعد على نشوء الدول الفاسدة التي تبحث عن مصالحها والتي من جملتها الإرهاب، تكنولوجيا المعلومات المحظورة ووجود الأنظمة الاستبدادية. مبينأ أنه ومع أن القانون الدولي لايسعفنا بتقديم تعريف جلي للدول المارقه إلا أنه يعرف الدول الفاسدة والعوامل التي تساعدها في تماديها. مشيراً أنه يجب أن لا نضخم أو نتوسع في تفسير مفهوم المصلحة أو الأمن القومي. مستعيراً بفكرة أن أمريكا وراعي البقر "الكاوبوي" الذي يرفض فكرة شرعية الدول ويريد تشكيل العالم وترويضه بحسب فهمه واستيعابه للعالم.
 
واوضح المتحدث عن أثر الحرب على العراق على القانون الدولي، معقباً أن الأزمه العراقية قد أفسدت النظام الدولي حيث أن قرار أمريكا للدخول إلى العراق أفسد النظام الدولي، وليس هذا فحسب بل وأنه أدخل معادلة جديدة أستبدلت الظام القانوني بنظام تشكل القوة ركيزة أساسية من ركائزه. وبهذا يعتبر التدخل الأمريكي تدخلاً غير قانونياً وغير شرعياً. ونتيجة لتدخل الولايات المتحدها فقد تم تحييد مجلس الأمن وبالتالي تقسيم الدول الغربية.
 
 ومن وجهة نظره، يرى مهدي العلاقة بين القوة والقانون " الديالكتية بين القوة والقانون"، مخالفاً للكثيرين الذين يعتقدون أن الأزمة العراقية أنهت الأمن الدولي، يرى أن القانون الدولي ليس بإمكانه حل كافة المشاكل، بل القانون أداه مهمة يمكن للدول استعمالها لحل المشاكل. بالتالي عدم احترام القانون الدولي لا ينفي وجوده، والأزمة العراقية الراهنه لا تنفي وجود القانون الدولي، فالقانون الدولي موجود لكن تطبيقه في بعض الحالات غير ملائم.
 
وعقب مهدي أنه وفي الفترة الراهنة ونتاجاً للحرب على العراق تشكل غرقان وأزمة أخلاقية وانسانية. مع العلم أنة وبمقارنة كل من أزمة عام 1991 و 2002 فيرى مهدي أنه وفي عام 1991 كان هنالك مبرر من قبل مجلس الأمن للتدخل من قبل مجلس الأمن في حين في عام 2002 فلم يكن له أي مبرر. مشيراً أنه بعد عام 1991 لم تكن حرباً وأنما عقوبات مارستها الولايات المتحدة على العراق من حصار وغيره، وربما هذه الاجراءات هي التي قوت النظام العراقي في حينه " نظام الرئيس صدام حسين"، حيث أن العقوبات لا يمكن أن تضعف الرئيس الديكتاتور بل تضعف الشعب وتقوي الديكتاتور. وأشار أن الديمقراطية الأمريكية هي من كشفت عن الفظائع التي مورست في سجن أبو غريب في العراق.
 
وأكد الحاجة في الوقت الحالي إلى عناصر لدعم الاستقرار، على الصعيد السياسي بالإمكان القيام بمواجهة كافة التهديدات عن طريق المؤسسات الإقليمية، في البلاد العربية وللأسف جامعة الدول العربية غير مؤهلة للقيام بذلك. على الصعيد الاخر، إعادة مركزية مجلس الأمن وهنا يجدر التركيز ليس فقط على الرقابة على مجلس الأمن بل أيضاً مراقبة تكوين مجلس الأمن وهنا من الواجب أخذ دور الأمم المتحدة في بناء الدول والذي وافقت عليه الولايات المتحدة في 2003 في إعادة بناء العراق وفشلت بسبب الوضع الفوضوي في العراق وكما في أفغانستان. وثالثاً التعددية في اتخاذ القرارات وهي على الأغلب دون فائدة كما هو الحال بالنسبة للإجراءات الأحادية الجانب والتي ليس باستطاعتها حل مشاكل العالم.
 
وبالختام أكد المتحدث على ضرورة وجود جواب جماعي حول الموضوعات المطروحة وليس بالسلوك الأحادي الجانب. معبراً " فنحن بحاجه إلى عناصر تدعم الاستقرار والثبات على الناحية السياسية وليس العسكرية" ومشيراً أيضاً " يجب أن يكون هنالك اجراءات جماعية تشمل أيضاً بما فيه الإرهاب وليست أحادية الجانب، لن نتمكن من وضع حلول للأمراض الحالية دون حلول جماعية" و أختتم قائلاً: " "يكمن الاختلاف في امكانيات ومستوى التطور، عدم احترام العدالة وعدم توازن القوى عملياً بالتالي يحتم علينا أن نشخص الأمراض الحالية قبل أن نبكي على الوضع".