الرئيسية ورشات عمل واقع الحقوق والحريات العامة في فلسطين: بين التنظيم والتقييد والرقابة

واقع الحقوق والحريات العامة في فلسطين: بين التنظيم والتقييد والرقابة

عقد معهد الحقوق في جامعة بيرزيت الاثنين 27 كانون الثاني 2014 ورشة عمل بعنوان "واقع الحقوق والحريات العامة في فلسطين: بين التنظيم والتقييد والرقابة"، بحضور عدد من القانونيين المختصين والخبراء وممثلي مختلف المؤسسات الرسمية والأهلية.


افتتح فعاليات الورشة الأستاذ جميل سالم مدير معهد الحقوق، مرحباً بالمتحدثين وبالحضور الكرام، ومؤكداً على أهمية موضوع الورشة، التي تأتي في ظل الحالة السياسية التي يمر بها العالم العربي، الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على الحقوق والحريات فيها، مشيراً في ذات الوقت إلى أهمية تسليط الضوء على التنظيم القانوني للحقوق والحريات، وواقعها في فلسطين، في ظل ما تعانيه هذه الحقوق والحريات من إشكاليات وانتهاكات مع استمرار حالة الانقسام السياسي الفلسطيني.

واستهل الأستاذ محمود علاونه مدير وحدة المساندة التشريعية في معهد الحقوق كلمته شاكرا الحضور، ومؤسسة كونراد اديناور على دعمها المتواصل لأنشطة معهد الحقوق، ونوه الى أن هذا الورشة تأتي نتاجاً للعديد من الأرواق البحثية التي أعدها فريق معهد الحقوق وعدد من الباحثين الوطنيين، والتي تُعنى بتوضيح الإطار القانوني الناظم لحقوق والحريات في فلسطين، والإطار الواقعي والعملي لها، للخروج بتوصيات محددة للمشرع وصاحب القرار الوطنيين، بهدف تطوير المنظومة القانونية الفلسطينية.

ومن ثم تم إطلاق فعاليات الورشة، حيث خصصت الجلسة الاولى من الورشة للحديث حول الحقوق والحريات العامة في القواعد الداخلية والدولية، تحدث خلالها الاستاذ حسني دقة عن تنظيم الحقوق والحريات العامة في القواعد الداخلية والمعايير الدولية، وتطرق الى مفهوم الحق، وفلسفة تطور الحقوق، وتحدث عن الحقوق والحريات المنصوص عليها في كل من القانون الأساسي ومشروع الدستور الفلسطيني، ومقارنتها بالمواثيق الدولية.

بدوره تحدث الدكتور ايميليو داود في مداخلته التي أعدها، حول صياغة الدستور، وحقوق الإنسان وبناء الهوية في فلسطين المحتلة، عن التطورات الدستورية والمؤسسية التي شهدتها فلسطين خلال مرحلة أوسلو، كما تطرق إلى العلاقة التي تربط تلك التطورات بمفهوم الهوية الفلسطينية، والآثار التي أفرزتها.

وتناول الدكتور عدنان الحجار في ورقته حرية الرأي والتعبير في فلسطين بين التنظيم والتقييد، موضحا مفهوم حرية الرأي والتعبير وفلسفته وأدواته، وتطرق إلى توجه التشريعات الفلسطينية التي تحكم حرية الرأي والتعبير، من حيث القيود والحماية المقررة لها، ومدى انسجامها مع المواثيق الدولية وواقع الإنقسام السياسي عليها.

أدار هذه الجلسة الدكتور عصام عابدين، المستشار القانوني في مؤسسة الحق، مؤكداً على أن حرية الرأي والتعبير هي مرآة للحقوق والحريات، ومنوهاً إلى القوانين السارية في فلسطين التي تفرض العديد من القيود على الحقوق والحريات، ومشيراً في ذات الوقت إلى مشاريع القوانين المتعلقة بالحريات، مسلطاً الضوء على الثغرات القانونية التي تعتريها.

أما الجلسة الثانية فقد تمحورت حول حرية الرأي والتعبير والحريات الإعلامية، تحدث خلالها الأستاذ محمود علاونه في مداخلته بعنوان حرية التعبير عن الرأي عبر شبكات التواصل الاجتماعي بين التقييد في النص وفضاء الحرية: هل من حل قانوني، حيث تطرق فيها إلى ماهية شبكات التواصل الإجتماعي والأطر القانونية التي تحكم الموضوع، متسائلا عن مدى كفاية هذه الأطر لحماية هذا النوع من الحقوق، مشيرا إلى طبيعة المسؤولية المترتبة على استخدام هذه الوسائل، مستعرضا عددا من السيناريوهات والحلول الممكنة لنظام حماية التعبير عن الرأي عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

في حين تحدثت الاستاذة آلاء حماد في ورقتها عن حرية الإعلام في فلسطين، وفقاً للمنظومة القانونية الفلسطينية والمواثيق الدولية، ووفقاً للواقع العملي منذ العام 2007، مستعرضة أسباب انتهاك حرية الإعلام في فلسطين، وعوامل ضعفها، وموضحة أثار الانقسام السياسي الفلسطيني عليها وطبيعة الانتهاكات التي يتعرض القطاع الإعلامي مستعرضة في ختام ورقتها دور القضاء في حماية الإعلاميين، بالتطرق إلى العديد من الحالات الدارسية، أبرزها قضية المسلسل الفلسطيني وطن على وتر.

وأشارت الاستاذة سما سقف الحيط في ورقتها إلى العلاقة بين الإعلام والمؤسسة الأمنية، من خلال عرض الإطار القانوني الناظم لحرية الإعلام في الحصول على المعلومة، وواقعها العملي، وأثر بيئة الإعلام الفلسطيني على دوره في الحصول على المعلومة الأمنية، منوهة إلى الصعوبات والمعيقات التي تواجه الإعلاميين نتيجة عدم وجود إجراءات مؤسساتية وبنية معلومات واضحة تيسر لهم الوصول إلى المعلومة.

ادارت الجلسة الأستاذة ريم البطمة الباحثة في معهد في الحقوق في جامعة بيزريت، منوهة إلى ضرورة تحديد الفئة المستهدفة من الحماية القانونية، وطبيعة الضوابط التي يمكن الحديث عنها لدى تنظيم مثل هذه الحقوق وممارساتها.

أما الجلسة الثالثة فكانت بعنوان دور الرقابة الرسمية والمجتمعية في حماية الحقوق والحريات العامة، حيث تحدث الاستاذ معن ادعيس حول دور المؤسسة الوطنية الفلسطينية لحقوق الإنسان في حماية الحقوق والحريات، وتناول نشأة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان واختصاصاتها على المستوي الدولي والوطني، وجهودها في حماية الحقوق والحريات، موضحاً أدوات المؤسسة الوطنية الفلسطينية لحقوق الإنسان في حماية الحقوق والحريات والمعيقات التي تواجهها لدى قيامها بدورها.

ثم تناول الاستاذ محمد أبو هاشم في ورقته دور المجتمع المدني في حماية الحقوق والحريات العامة، وآشار إلى الدور المنوط بالمجتمع المدني في حماية الحقوق والحريات وتعزيزها، والمعايير الدولية التي تحمي حقوق هذه المؤسسات، كما استعرض نشأة مؤسسات حقوق الإنسان في فلسطين وواقعها، واختتم ورقته بتقديمه لرؤية حول تطوير دور المجتمع المدني في تعزيز الحقوق والحريات وآليّاته في ذلك.

وفي ورقتها أشارت الأستاذة رزان البرغوثي إلى دور القضاء الفلسطيني في الرقابة على حرية التعبير عن الرأي، منوهة إلى الإطار الفلسفي ونشوء فكرة حقوق الإنسان وحرياته، والتنظيم القانوني لحرية التعبير عن الرأي، كما أشارت إلى اهمية دور القضاء في حماية هذه الحرية كمرتكز أساسي يساهم في بناء الدولة وفي توفير الحماية لحرية التعبير عن الرأي، مستعرضة الاشكاليات التي تعترض عمل القضاء في توفير هذه الحماية.

وتناول الدكتور هشام عواد في مداخلته أثر غياب الدور الرقابي للمجلس التشريعي الفلسطيني على الحقوق والحريات العامة، مشيراً إلى الإطار التنظيمي لعمل المجلس التشريعي، واختصاصاته، وموضحاً في ذات الوقت أثر غياب الدور الرقابي للمجلس التشريعي على الحقوق والحريات في ظل حالة الانقسام السياسي، وعلى وجه الخصوص الرقابة على عمل الجهات التنفيذية، مركزاً على عمل اللجان ومجموعات العمل البرلمانية ودورها.

ادار هذه الجلسة الاستاذ رائد عبد الحميد، مؤكدا على أهمية هذه الموضوعات، ومشيرا إلى ضرورة توفير قضاء مستقل ونزيه وفاعل في التعامل مع قضايا الرأي والنشر، كما نوه إلى ضرورة مراجعة قوانين العقوبات وخاصة ما يتعلق منها بقضايا النشر.

تخلل هذه الورشة عدد من المداخلات في جلساتها الثلاث من بينها، ضرورة إعادة النظر في القوانين الناظمة للإعلام وتعديلها بما يتوائم مع المنظومة الدولية، وضرورة احترامها لنصوص وأحكام القانون الأساسي الفلسطيني، وان يكون هناك خصوصية في التعامل مع قضايا النشر وتمكين الصحفيين والمواطنين في التعبير عن رأيهم بجميع الوسائل الإلكترونية والتقليدية، كما تم الوقوف على ظاهر توقيف ومحاكمة الصحفيين وإشكالياتها، كما ثار نقاش حول وضع اطر قانونية لحرية التعبير عن الرأي عبر الوسائل الإلكترونية ومن بينها شبكات التواصل الإجتماعي.  

يذكر أن هذا المؤتمر يأتي كنتاج لعمل وحدة المساندة التشريعية/ معهد الحقوق وبدعم من مؤسسة كونراد أديناور ضمن مشروعها البحثي السنوي والمندرج ضمن عنوان (القانون والسياسة) والمنصب على بيان الإطار القانوني والواقعي للحريات والحقوق في فلسطين، وما أفرزته حالة الانقسام على واقع هذه الحريات. ومن المتوقع إصدار هذه الدراسة مع نهاية شهر شباط من هذا العام.