الرئيسية لقاءات بيرزيت القانونية التجربة الفلسطينية في العملية التشريعية بين الواقع والطموح

التجربة الفلسطينية في العملية التشريعية بين الواقع والطموح

 
 
ضمن سلسلة لقاءات بيرزيت القانونية، نظم معهد الحقوق- جامعة بيرزيت وبالتعاون مع كلية الحقوق والإدارة العامة بتاريخ 27/10/2008 لقاءاً قانونياً بعنوان" التجربة الفلسطينية في العملية التشريعية بين الواقع والطموح" مستضيفاً رئيس ديوان الفتوى والتشريع المستشار عبد الكريم أبو صلاح ومثمناً دورة الكبير في العملية التشريعية في فلسطين.
 
افتتح الدكتور خالد تلاحمة اللقاء بالإشارة إلى حداثة التجربة الفلسطينية في العملية التشريعية، منوهاً أن العملية التشريعية الفلسطينية مرت في العديد من العقبات والأزمات، وحالياً يعتري العملية التشريعية مواطن خلل وقصور. متسائلاً كيف لنا أن نستفيد الدروس والعبر من واقع التجربة الفلسطينية التي مرت في عدة مراحل وفترات؟ منوهاً إلى خصوصية الوضع الفلسطيني، وأن اتفاقية أسلو هي من منح صلاحية التشريع للسلطة التنفيذية، وأن بعد عام 1996 أصبح للبرلمان سلطة التشريع والآن نمر في مرحلة ثالثة.
 
عبر الضيف عن أسفه الشديد لأداء المجلس التشريعي الثاني والذي بدورة كان يتمنى علية أن يؤازر جهود المجلس الأول في إطار العملية التشريعية الفلسطينية، وأن يكمل ويبني على ما خلفه المجلس التشريع الأول من أسس قانونية ولبنه أساسية يعتد ويعتز بها. ولكن مع الأسف الشديد وبحسب تعبيره "ولد المجلس التشريعي الثاني ميتاً" حيث أنه تولى العمل في ظروف خانقة ومعقدة، وتمنى أن تزول هذه الظروف المعقدة التي تكتنف عمل المجلس التشريعي ليتوفر في المحصلة النهائية نظام دستوري فلسطيني متكامل ليشكل نواة للدولة الفلسطينية المنشودة ولتحل الشرعية الدستورية بمحل الشرعية الثورية أو أي شرعية أخرى.
 
وأوضح أبو صلاح بدايات انطلاق عمل المجلس التشريعي الأول والحيرة التي غيمت على عملهم، حيث أنه وفي حينه وبعد انتخابات عام 1996، لم يكن هنالك أية مسائل تنظم عمل المجلس التشريعي، هذا ولم يكن هنالك أي موروث تشريعي فلسطيني ينظم آليات القيام بالواجبات التشريعية لتساعد المجلس على القيام بواجباته. وفي هذا السياق كانت أولى مهام المجلس التشريعي في البداية تنظيم عمل جلسات المجلس وفي حدود معينة تنظيم علاقة المجلس مع السلطة التنفيذية التي ولدت قبل أن ينشأ المجلس وكانت بعلاقات قوية. وكانت قيادة السلطة التنفيذية هي القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني فقد جمعت ما بين شرعية ثورية تحظى بتقدير واحترام المجتمع وما بين نفوذ قوي متمثل في قيادة رئاسية ذات طابع خاص وفريد في العالم وفي النظم السياسية.
 
هذا وقد أشار المستشار إلى انطلاق المجلس لوضع نظم داخلية للمجلس وكانت مهمة شاقة في هذا السياق، ومن ثم وضع نظام المجلس الذي ينظم عمل جلسات ولجان المجلس المختلفة. ومن ثم انصب العمل ووفقاً لأحكام قانون الانتخابات رقم (13) لسنة 1995 على وضع القانون الأساسي لنظام الحكم في المرحلة الانتقالية، بالتالي تم الانتقال إلى وضع اللبنة الأساسية للقانون الأساسي الذي اجتاز أربعة تعديلات والذي أعد ابتداءاً في المجلس الوطني الفلسطيني ومن ثم تولت جامعة بيرزيت مهمة تطوير هذا القانون بالتعاون مع كل من الاستاذ أنيس القاسم والدكتور يوجين قطران. وقدمت مسودة مشروع القانون التي كانت أولى مهام عمل المجلس وأولى الاختبارات لممارسة المهام التشريعية لأنها كانت موضع صراع مع السلطة التنفيذية التي كان يرأسها ياسر عرفات. هذا وقد قدم وزير العدل في حينه المسودة المعدلة لمشروع القانون الأساسي للمجلس على أنها مشروع مقدم من الحكومة ووجهت مشكلة تحديد صلاحيات إعداد القانون الأساسي وخاصة وأن النظام الداخلي للمجلس التشريعي لم يتضمن أحكام تحدد مثل هذه المسألة.
 
وللتوضيح ضرب المتحدث الضيف مثلاً يتعلق بقيام اللجنة القانونية برئاسته بمعالجة مسألة "متى يحق للحكومة أن تسحب مشروع قانون مقدم للبرلمان" مقترحة منح الحكومة حق استرداد مشروع القانون خلال الدورة التشريعية إن لم يقبل في المناقشة العامة، ما دام لم يصوت عليه في المناقشة العامة يحق للحكومة أن تسترده، وبالتالي أجبر الرئيس وزير العدل سحب مشروع القانون.
 
عرج أبو صلاح للحديث عن أهم المفاصل التي رافقت عملهم في صياغة القانون الأساسي مشيراً إلى أهمها المتمثلة في تصنيف وتبويب فصول القانون، مشيراً إلى أهم الأسئله التي راودتهم ومنها ماذا نريد في القانون الأساسي؟ ماهية طبيعة نظام الحكم الذي نريده؟ ما هي أهم المفاصل الأساسية الواجب تضمينها في أحكام القانون العام "القانون الأب"؟ 
 
ووصف الضيف عملية المقارنة مع أنظمة عربية مجاورة ومنها النظام الأردني والسوري لوضح الأحكام العامة للقانون، وبدورة وضح تفصيل أبواب القانون الأساسي، مؤكداً على أخذ اللجنة بعين الاعتبار التركيز على عروبة الشعب الفلسطيني وارتباطه بأمته، وأن فلسطين التاريخية جزء من الوطن العربي الكبير ولأن القدس عاصمة فلسطين في الفصل الأول من القانون شأن هذا القانون كشأن باقي القوانين الأساسية والدساتير في الدول الأخرى.
 
وتحدث أبو صلاح عن المباديء العامة التي تضمنها القانون وفصل المباديء الأساسية التي تضمنها القانون ومنها مسألة السيادة وضرورة وجود أحكام تتعلق وتنظم الجنسية الفلسطينية ومسألة العلم الفلسطيني. وبين الأحكام المتعلقة بالباب الثاني منمباديء عامة تنظم كل ما يتعلق بالحقوق والحريات العامة مشيراً لنص المادة 32 من القانون والتي صبت للوقوف بوجه التجاوزات والاعتداءات التي عانت منها السلطة الفلسطينية والمجتمع الفلسطيني.
 
وتطرق أبو صلاح للحديث عن كل من مسألة الانسجام التشريعي ومسألة الفراغ التشريعي وكذلك تنظيم وإدراة العمل التشريعي، وأوضح أهمية وجود سياسية تشريعية واضحة للعمل على ترجمة احتياجات تالمجتمع وحقوق الشعب الفلسطيني في قوانين واضحة ومتناغمة ولكن مع الأسف عانت الحكومات السابقة من مشاكل عديدة ومنها على سبيل المثال لا الحصر مسألة خلو القوانين المنظمة لدور الحكومة، وضرورة إقرار القانون الأساسي والتي تمثل عقبة في طريق المشرع الفلسطيني، وكذلك عدم تحديد الحكومات للأولوية التشريعية، فقدمت واحدة من الحكومات مشروع رعاية الحيوان في حين تفتقر البيئة التشريعية الفلسطينية قوانين جوهرية.
 
وفي الختام أكد الأستاذ عبد الكريم أبو صلاح ضرورة انعقاد المجلس التشريعي الثاني والذي غيابه يحد من سير العملية التشريعية وأكد على ضرورة وجود انسجام ما بين العملية التشريعية في المجلس التشريعي والحكومة بما تشملها من مؤسسات وضرورة وجود إطار وحدوي وتصور موحد ينظم العمل في النظام التشريعي، واختتم بالتركيز على أن الية وضع التشريع وبالرغم من أنها محكومة بإطار نظري منظم إلا أن هذا النظام يشوبه ويعتريه شيء من التمزيق.