تفتيش العمل في فلسطين: دراسة مقارنة
قننت تشريعات العمل لتنظيم العلاقة بين طرفي الإنتاج المتمثلة بالعامل ورب العمل، بما يكفل تحسين ظروف العمل والارتقاء بمعايير الصحة والسلامة المهنية، وفي الوقت ذاته يزيد من مردود العمل. غير أن إصدار التشريعات العمالية وحده لا يحقق النتائج المرجوة ما لم يقترن بالتطبيق العملي لأحكام هذه التشريعات، والرقابة على ذلك من خلال إدارة أو جهة تناط بها مهمة متابعة تنفيذ أحكام تشريعات العمل. لذا برزت الحاجة لوجود أجهزة تفتيش العمل. فالتفتيش يعد الركيزة الأساسية لحماية حقوق العمال، بالإشراف على تطبيق قانون العمل والتحقق من التزام الأطراف المعنية بمواده والقرارات المنفذة له، بما يضمن توفير ظروف العمل الملائمة وشروطه العادلة والعمل على توفير الاستشارة اللازمة لأطراف الإنتاج لخلق أجواء العمل الملائمة وحفظ حقوق كافة الأطراف التي ضمنها قانون العمل، بما يعزز واقع الاستقرار الوظيفي والاجتماعي للعمال وأصحاب الأعمال.
وتعود نشأة تفتيش العمل إلى القرن التاسع عشر، حيث أصدرت بريطانيا في العام 1832 أول قانون للتفتيش، منحت بموجبه سلطات واسعة لعدد من المفتشين، وتبعتها في ذلك العديد من الدول الأوروبية. أما على الصعيد العربي فقد أخذت الدول العربية إثر انتهاء الحرب العالمية الثانية تبدي اهتماما ملحوظا بمسائل العمل فأصدرت العديد من التشريعات المنظمة له. وقد واكب إصدار هذه التشريعات إنشاء أجهزة تفتيش تتولى مهمة مراقبة تنفيذها؛ لأن وجود أجهزة تفتيش العمل يرتبط بالضرورة بوجود القاعدة القانونية الموضوعية المنظمة لعلاقات العمل، إذ بدون هذه القاعدة لا يمكن أن ينسب إلى صاحب العمل مخالفة، ولا أن يفرض عليه أي التزام.
وقد نال موضوع تفتيش العمل اهتماما خاصا من قبل منظمة العمل الدولية فمعاهدة فرساي التي أنشأت المنظمة استنادا لها نصت على أنه: "يجب على كل دولة أن تنشئ وحدة لتفتيش العمل...بغية تطبيق القواعد القانونية الخاصة بحماية العمال".وبعد ذلك أصدرت منظمة العمل الدولية العديد من الاتفاقيات والتوصيات بشأن التفتيش على أماكن العمل، وعلى شروط الصحة والسلامة المهنية في أماكن العمل والمرافق الاقتصادية كضمان لاحترام القوانين والتشريعات ذات العلاقة، والحد من التجاوزات التي قد يرتكبها أصحاب العمل، وصونا لحقوق الطبقة العاملة.
يذكر أن معهد الحقوق في جامعة بيرزيت قام بإعداد هذه الدراسة.