مراجعة مشروع قانون الشراء العام


عندما نتحدث عن المشتريات العمومية فإننا نتحدث عن حالة من التعاقد تختلف عن التعاقد العادي ما بين الأفراد، والسبب في ذلك أن هناك العديد من الإجراءات والضوابط التي يجب على الدولة التقيد بها عند إجراء هذه العقود.

لدى الحديث عن الإطار القانوني الناظم للمشتريات العامة في فلسطين فان هذا الإطار يتمثل في كل من قانون اللوازم العامة رقم 9 لسنة 1998 وتعليمات رقم 1 لسنة 1999 بشراء اللوازم العامة وقانون العطاءات للأشغال الحكومية رقم 6 لسنة 1996، وبموجب هذه القوانين تم إنشاء دائرة العطاءات المركزية والتي يكون من اختصاصاتها بموجب المادة 3 من القانون رقم 6 لسنة 1996 الإشراف والمتابعة وتصنيف المقاولين، وتدقيق وتحليل عطاءات الأشغال والخدمات الفنية الحكومية وتوحيد الشروط العامة لعقد المقاولة وغيرها من صلاحيات.
 
وهذه القوانين صدرت في ظل غياب القانون الأساسي بالتالي هناك العديد من النصوص التي نحن بحاجة إلى إعادة النظر فيها، وقد سعت الحكومة إلى ايلاء هذا الأمر أهمية كبيرة نظرا لما يشكله من أهمية كون الأمر يتعلق بالمال العام وإدارته على الصعيد الفلسطيني، بالتالي ينبغي أن يتفق إدارة المال مع معايير الشفافية والنزاهة والمساءلة، ومع ما أقرته اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في مجال الشراء العام، وما تضمنته المادة 9/1 من الاتفاقية  حول هذا الموضوع حيث أشارت إلى  أن على الدول أن تقوم بالخطوات اللازمة لإنشاء نظم شراء مناسبة تقوم على الشفافية، والتنافس وعلى معايير الموضوعية في اتخاذ القرار وتتسم بفاعليتها في منع الفساد، وان تراعي هذه الخطوات بعض المعايير الأساسية كإجراءات تتعلق بتوزيع المعلومات المتعلقة بالعقود، والنشر المتعلق بشروط المسابقة على العطاءات، وإيجاد أنظمة فعالة للمراجعة الداخلية، هذا إلى جانب وما أقرته المعايير الدولية حول هذا الأمر.   

تكمن المشكلة الأساسية التي أظهرت الحاجة إلى ضرورة صياغة مشروع قانون ناظم للشراء العام أن هناك إشكاليات عديدة عانت منها السلطة الفلسطينية في موضوع الشراء العام، في ظل القصور الذي يعتري العديد من النصوص القانونية في هذه القوانين هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن القوانين الناظمة للشراء العام هي قوانين صدرت قبل القانون الأساسي الفلسطيني المعدل، بالتالي هناك العديد من النصوص التي ينبغي أن تتناغم مع ما جاء في القانون الأساسي وتتوافق معه.

الأمر الآخر الذي يمكن التطرق له أن هناك العديد من النصوص القانونية التي ينبغي إضافتها للقوانين الحالية ومن ضمنها وجود نظام فعال للمراجعة والتظلمات فان القانون المطبق لدينا قد خلا من أي ذكر لموضوع التظلم أمام دائرة العطاءات المركزية مما يحرم المشاركين من أهم حق في هذا الشأن،  أما من حيث إنشاء جهة مستقلة لتنظيم الإجراءات الخاصة بالمشتريات فلم ينص القانون على إيجاد جهة مستقلة، بل تم إنشاء دائرة العطاءات المركزية في وزارة الأشغال العامة يكون لها  جهازها الخاص  وينشأ فيها المديريات  الضرورية اللازمة لأعمالها، وهو ما يتنافى مع ما جاء في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، الى جانب أن عدم استقلالية هذا الجسم قد يحجم الدور المنوط به، ومن جهة أخرى لا يوجد نظام رقابة فعال للتحقق من المواصفات عند التسليم ضمن المواصفات الموجودة في كراسة العطاء، وهو من المواضيع المهمة التي ينبغي الالتفات لها. كما وتكمن اهمية العمل على سن هذا القانون، في ان التنظيم القانوني الحالي لا يبين الإجراءات الواضحة والمقبولة للتأهيل المسبق أو اللاحق للمقاولين؛ ناهيك عن اغفال التنظيم القانوني الحالي للشراء العام لوضع قواعد محددة تنظم عملية شراء الخدمات الاستشارية.

الأمر الآخر الذي يجب أن نوليه اهتماما بالغا أن هذا المشروع يتقاطع وبشكل مباشر مع توجهات الحكومة الفلسطينية في برنامجها إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة،حيث جاء النص على إنشاء هيئة الشراء العام وبشكل صريح ضمن برنامج الحكومة الثالثة عشرة حيث جاء النص ضمن برامج تعزيز الشفافية والمساءلة،  على" تطوير هيئة المشتريات العامة كهيئة مستقلة تتبع مجلس الوزراء"، بالتالي فان هذا الأمر يعطي المشروع أهمية كبيرة للمضي قدما به.

صحيح أن هناك قوانين تنظم هذا الأمر ولكن هناك العديد من الثغرات التي تعتريها مما يوجب إيجاد اطر قانونية جديدة تتوافق مع القانون الأساسي من جهة ومع المعايير الدولية من جهة أخرى.  
 
تضمن المشروع بالإضافة إلى الديباجة عشرة فصول حيث عالجت هذه الفصول مواضيع ونصوص مختلفة في القانون وفيما يلي تفصيل ذلك:



  • الفصل الأول: تتطرق هذا الفصل إلى التعريفات الواردة في هذا القانون والى نطاق تطبيق القانون والاستثناءات الواردة على التطبيق، وأهداف القانون بشكل عام.
  • الفصل الثاني: تتطرق الفصل الثاني إلى الترتيبات المؤسساتية والجهات التي ستعمل على تنفيذ هذا القانون بعد تنفيذه والأجسام التي سيتم تشكيلها لهذا القانون ومهامها وصلاحياتها.
  • الفصل الثالث: تطرق هذا الفصل إلى أساليب الشراء التي يتم اللجوء لها في الأشغال واللوازم العامة، ومن بينها المناقصة العامة والتي تشمل (المناقصة (المحلية)، المناقصة على مرحلتين) والمناقصة الدولية، والمناقصة المحدودة، واستدراج عروض الأسعار، والشراء المباشر،  والتنفيذ المباشر،  وأنواع العقود التي يتم اللجوء لها،  
  • الفصل الرابع: تطرق الفصل الرابع إلى إجراءات شراء الأشغال واللوازم العامة والخدمات غير الاستشارية، من حيث شكل المراسلات والياتها، تصنيف المقاولين، وتأهيل المناقصين، والدعوة إلى المناقصة الوثائق اللازمة، وفتح المظاريف والياتها، وغيرها من تفصيلات إجرائية.
  • الفصل الخامس: تطرق هذا الفصل إلى الخدمات الاستشارية وأساليب شرائها، سواء من خلال الأساليب التنافسية أو الشراء المباشر، وتصنيف المستشارين وطرق التقدم بعروض، وطرق تقييم العروض وإجراءات التقدم للعروض، وغيرها من مواضيع ذات علاقة.
  • الفصل السادس: تطرق هذا الفصل إلى طرق تقديم الشكاوي في الشراء العام، والحالات التي لا تقبل فيها الشكاوي، وتشكيل وحدة مراجعة النزاعات، وغيرها من مواضيع.
  • الفصل السابع: تطرق هذا الفصل إلى تنفيذ العقد والية تعديله، وحفظ السجلات المتعلقة بالشراء العام، والتدقيق اللاحق.
  • الفصل الثامن: تطرق هذا الفصل إلى المبادئ السلوكية التي يتوجب على الموظف وعلى المناقصين التقيد بها، في إجراءات المناقصة ومراحلها المختلفة، وواجب الإبلاغ عن حالات الفساد.
  • الفصل التاسع: تطرق هذا الفصل إلى آلية إدارة وحفظ اللوازم العامة والجهة المسؤولة عنها، ومن له صلاحية الإشراف على المستودعات، والية إدخال اللوازم العامة وإخراجها وإجراءاتها المختلفة، وطرق تخزينها، والتصرف في اللوازم الفائضة وغير الصالحة، وإتلاف اللوازم غير الصالحة الفائضة عن الحاجة.
  • الفصل العاشر: تطرق هذا الفصل إلى العقوبات التي من الممكن إيقاعها على المناقصين أو الموظفين في حال مخالفة احد نصوص هذا القانون، والتي تنوعت ما بين الفصل الفوري من العمل، والحرمان من الاشتراك في عمليات الشراء بالنسبة للمناقصين في حال ارتكاب تجاوزات.