الرئيسية لقاءات بيرزيت القانونية خطاب الرئيس محمود عبّاس في الجمعيّة العامّة (الجوانب القانونيّة والسياسيّة)

خطاب الرئيس محمود عبّاس في الجمعيّة العامّة (الجوانب القانونيّة والسياسيّة)


بيرزيت-الثلاثاء 20 تشرين الأول 2015، نظم معهد الحقوق في جامعة بيرزيت ضمن سلسلة لقاءات بيرزيت القانونية لقاءً بعنوان: "خطاب الرئيس محمود عبّاس في الجمعيّة العامّة (الجوانب القانونيّة والسياسيّة)". وجاء عقد هذا اللقاء بدعم من مؤسسة كونراد أديناور.


وقد افتتح اللقاء الدكتور مصطفى مرعي، مرحبّاً بالضيوف ومذكرّاً بأهمية موضوع اللقاء خاصّة في ظل التطورات التي نشهدها على الساحة منذ بداية الشهر الجاري. ومن ثم ترك المجال للمتحدثين للقيام بمداخلاتهم؛ حيث تناول الدكتور "كميل منصور" الأبعاد السياسيّة للخطاب، تبعه الأستاذ "شعوان جبارين" بالحديث عن أبعاده القانونيّة. وقد حضر هذه الندوة مجموعة من أساتذة وطلبة الجامعة من مختلف التخصصات، وعدداً من المهتمين في المجال القانوني والأكاديمي، ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات والبعثات الدولية.
وقد استهل الدكتور كميل منصور مداخلته بالحديث عن السياق العام الذي جاء فيه الخطاب، وعن السمات الأساسيّة التي ترسم المرحلة السياسيّة الحاليّة. وقد اعتبر الدكتور منصور أن خطاب الرئيس تضمن عدداً من "الإنذارات" التي وجهها الرئيس إلى المجتمع الدولي، وهذه الإنذارات هي بمثابة "الخيارات" السياسيّة والقانونيّة المطروحة أمام السلطة الوطنيّة الفلسطنيّة والتي قد تلجأ إلى تنفيذ إحداها أو عدداً منها، والتي قام الدكتور منصور بتلخيصها في ستة نقاط أساسيّة وهي كالآتي:

  1. توفير نظام حمايّة دولي للشعب الفلسطيني وفق القانون الدولي الإنساني؛
  2. إعلان أنه لا يمكن الاستمرار في الالتزام بالاتفاقيات الموقعة؛
  3. ضرورة أن تتحمّل إسرائيل مسؤولياتها كدولة احتلال؛
  4. إعلان فلسطين دولة تحت احتلال، واعتبار اللجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير حكومة الدولة الفلسطينيّة المؤقتة، والمجلس الوطني برلمانها؛
  5. الاستمرار في المساعي للانضمام إلى المواثيق والمنظمات الدوليّة؛
  6. اللجوء إلى محكمة العدل الدوليّة ومحكمة الجنايات الدوليّة.


ومن ثم تناول كلّاً من هذه الخيارات بالتفصيل؛ فشرح ما المقصود بها، وما هو الشكل أو الأشكال التي يمكن أن تترجم بها على الأرض، وما هي النتائج المحتملة في حال أقدمت السلطة على اتخاذها، وما مدى جدواها عمليّاً على المدى المتوسط والبعيد. وبناء على العرض الذي قام به، اختتم الدكتور منصور حديثه باستنتاج بسيط وواضح مفاده أنّ السلطة الوطنيّة ستأتي على اللجوء إلى الخيارين الخامس والسادس، والتي كانت قد شرعت بتنفيذهما أساساً، وأنه سيصعب عليها اللجوء إلى الخيار الأول، كون ذلك يعني تطبيق نظام "الوصاية" على الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة عام 67 الأمر الذي يتطلب قراراً خاصّاً بشأنه من مجلس الأمن لأن هذا النظام قد انقرض اليوم، بينما سيكون من المستبعد جداً أن تلجأ للخيارات الثلاث المتبقيّة لأن ذلك قد يستتبع وراءه عواقب وخيمة قد لا تستطيع السلطة تحملها. وركّز أن على السلطة الوطنيّة، إذا ما كانت ترغب بإحداث تغيير نوعاً في موازين القوى، أن تركز وبشدّة على ملفيّ الاستيطان وجريمة الفصل العنصري من ناحيّة، وتكثّف الجهود الجديّة الراميّة لعقد المصالحة الوطنيّة من ناحيّة أخرى، وإلّا فيُخشى أن يتحوّل دور الجانب الفلسطيني من فاعل ولاعب في الصراع الفلسطيني- الصهيوني ليقتصر على مجرّد كونه "ردّة فعل" على ما يقوم به الطرف الإسرائيلي.


أمّا الأستاذ شعوان جبارين، فقد أشار في بداية حديثه إلى صعوبة الفصل بين السياسي والقانوني، وذلك لأن القرارات والمواقف السياسيّة هي من تعطي النص القانوني معناه. وقد أشار الأستاذ جبارين بدايةً إلى أهمية التمسّك والاستناد إلى قرار التقسيم كمرجعيّة أساسيّة لأية مطالبات في المستقبل؛ حيث غالباً ما يتم التطرق للحديث عن قرار التقسيم بشكل عابر، ويتم في المقابل التركيز على ما يسمّى بــــ "الخط الأخضر" علماً بأن هذا الخط هو خط وقف إطلاق نار وبذلك فهو لا يمثل حدوداً بالمعنى القانوني. وقد تحدث الأستاذ جبارين عن أن هناك عدّة أشكال للحماية الدوليّة عرفها التاريخ، وأن الطريقة المثلة المتاحة أمام السلطة الوطنية الفلسطينية إن أرادت أن تحقق مبتغاها من هذا الطلب، أن تعرض هذا الملف كطلب لدى الأمم المتحدّة وهو ما سيضع الأمين العام في موقف حرج، لأن عندها وفقط عندها سيكون الأمين العام مجبراً على دراسة هذا الطلب وتقديم توصيات واقتراحات بشأنه.


ومن ثم تطرق للحديث عن النقطة القانونيّة الثانيّة الهامّة في خطاب الرئيس وهي "تحمّل دولة الاحتلال لمسؤولياتها"، وفي هذا السياق أوضح أن هذا الأمر لا يغير من الناحيّة العمليّة شيئاً، فالاحتلال هو الآمر والناهي في كل جوانب حياة المواطنين في الأراضي المحتلّة عام 1967، وبالتالي فإن ذلك ينطوي على أبعاد سياسيّة أكثر منها قانونيّة. فدولة الاحتلال –من الناحية القانونيّة البحتّة- لم تفقد يوماً، حتى مع توقيع اتفاقية أوسلو، صفتها كقوّة محتلّة، وبالتالي فهي ما زالت ملزمة بموجب القانون الدولي بتحمّل مسؤولياتها تجاه الأراضي المحتلّة. أمّا نقطة التغيير فتكمن في الناحيّة السياسيّة، فحتى يترجم هذا الإعلان على أرض الواقع فإن ذلك ينطوي على تغيير وإعادة تعريف لدور ووظيفة السلطة الوطنيّة واستدراج للاحتلال ليصبح على تماس مباشر مع المواطنين كما كان الحال قبل عام 1994. واختتم الاستاذ جبارين حديثه بطرح تساؤل مفتوح بقوله أن المحدِّد في النهايّة لتبعات الخطاب هو كيف سيتم "ترجمة ما جاء فيه يومياً وسياسياً".


وقد اختتم اللقاء بجدال حماسي من قبل جمهور الحاضرين والتي تمحور بشكل أساسي حول إستراتيجيات العمل السياسي والقانوني في المرحلة الحاليّة.