الأمن والقانون في فلسطين
الثلاثاء 30/11/2010، نظم معهد الحقوق بجامعة بيرزيت مؤتمرا وطنيا حول "الأمن والقانون في فلسطين"، بحضور (200) شخصية وطنية وقانونية واكاديمية وممثلين عن مختلف المؤسسات الرسمية والأهلية.
بدأت أعمال المؤتمر بجلسة افتتاحية شارك فيها كل من الدكتور منير قزاز نائب رئيس جامعة بيرزيت للشؤون المجتمعية، ومعالي الدكتور سعيد أبو علي وزير الداخلية، وعطوفة الدكتورة ليلى غنام محافظ رام الله والبيرة، والدكتور غسان فرمند مدير معهد الحقوق بجامعة بيرزيت.
بدوره رحب الدكتور قزاز بالحضور، وأشار إلى أن تحقيق الأمن لم يعد مقتصرا على قوى الأمن والمؤسسة الأمنية، وإنما أضحى مسؤولية تشاركية بين كافة مؤسسات الوطن. ذلك أن موضوع الأمن يشكل أهم القضايا ذات الأولوية نظراً لارتباطه بمبادئ التنمية، وهو ما تحتاجه فلسطين للخلاص من الاحتلال وبناء المجتمع الفلسطيني. وأكد على أن هذا المؤتمر يفتح نافذة للحوار بين المؤسسة الأمنية ومؤسسات المجتمع المدني.
وفي كلمته عبر الدكتور أبو علي عن سعادته بالمشاركة في هذا المؤتمر، الذي وصفه بالهام وبأنه يأتي استكمالا لمبادرات تطوير المنظومة القانونية لقوى الأمن. مؤكدا على أن الوزارة لم ولن تدخر أي جهد لدعم مثل هذه المبادرات الوطنية، التوجه الذي يأتي انسجاما وخطة الحكومة لبناء مؤسسات الدولة. وختم حديثه بالقول "أن محاور المؤتمر ومخرجاته تنسجم مع ما نذهب إليه ونسعى إلى تحقيقه".
وقد تحدثت الدكتورة غنام، عن الدور الأساسي للمحافظة في توفير الأمن وبث سلطة القانون، بسعيها إلى حماية السلم الأهلي وتعزيز قيم المواطنة والذود عن حقوق المواطنين المكفولة قانونا. وقد أكدت على أن تعزيز الأمن وسيادة القانون لا يتحققان إلا من خلال تكامل أدوار السلطات الثلاث، ودون إغفال لدور مؤسسات المجتمع المدني في هذا الصدد، من خلال ممارسة دورها الرقابي على الأجهزة الأمنية.
وقد اكد د. فرمند على اهمية القضايا التي يناقشها المؤتمر خصوصا قضية استكمال تطوير قطاع الأمن والمنظومة القانونية التي تحكم عمل وتنظيم القوى الأمنية في ظل الوضع الفلسطيني المعقد.
فيما بعد، ووفقا لبرنامج المؤتمر، أفردت ثلاثة جلسات متخصصة، جاءت الأولى تحت عنوان "في السياسة الأمنية"، وتحدث فيها اللواء ركن واصف عريقات، المحلل العسكري وقائد مدفعية قوات منظمة التحرير الفلسطينية سابقا، حول السياسة الأمنية بين المفهوم والتطبيق في السياق الفلسطيني، مشيرا إلى خصوصية التجربة الفلسطينية بهذا الخصوص، ومستعرضا للمحطات التي اجتازتها السلطة الوطنية الفلسطينية في بناء المؤسسة الأمنية والمعوقات التي اعترضتها وتعترضها بهذا الخصوص. وعرض الدكتور عبد العزيز الشقاقي، عبر التقنية الرقمية من قطاع غزة، ورقة حول ملف الأمن في المصالحة الوطنية، بحكم اشتراكه في مداولات الحوار بصفته نائبا لرئيس تجمع الشخصيات الوطنية المستقلة. وقد أشار إلى نقاط الاختلاف والتوافق وما تضمنته الورقة المصرية، ومن ذلك: صياغة القوانين ذات العلاقة، وتحديد معايير وأسس إعادة بناء الأجهزة، ومسائلة الأجهزة الأمنية أمام المجلس التشريعي، وتحريم الاعتقال السياسي.
ذلك فيما قدم الدكتور عمر رحال، مدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس"، لموضوع العلاقة بين السياسة الأمنية والحقوق والحريات، مشيرا إلى أن السياسة الأمنية هي حاجة مجتمعية باعتبارها جزء من حقوق الإنسان، لذلك فإن من أهدافها المحافظة على الحقوق والحريات، فيما يعتبر سمة من سمات النظام الديمقراطي. وقد أكد على وجوب أن تكون السياسة الأمنية منسجمة مع التشريعات المحلية والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. وقد ترأس الجلسة الأستاذ رشاد توام، وكان مقررا لها الأستاذة عبير درباس.
هذا فيما جاءت الجلسة الثانية، وهي بعنوان "في التشريع الأمني"، بشقين: الأول عام، وقدم فيه اللواء القاضي أحمد المبيض، رئيس هيئة القضاء العسكري، عرضا حول الإطار القانوني للمحاكم العسكرية، مشيرا إلى خصوصيته والخلفية التاريخية لوضع التشريعات الجزائية الثورية لعام 1979 والتي تطبقها المحاكم العسكرية حاليا، وقد نوه إلى الجهود الحثيثة تجاه إصدار قوانين عسكرية أكثر عصرية. وفي الشق ذاته، قدم الدكتور جهاد الكسواني، المستشار القانوني بوزارة الداخلية، ورقة بعنوان "قراءة نقدية في قانون الخدمة في قوى الأمن"، عرض فيها للإشكاليات التي تضمنها القانون في الجانب الشكلي والموضوعي، ومن ذلك التكرار وعدم تنظيم بعض الإدارات القائمة كهيئة التنظيم والإدارة، والتعارض مع بعض القوانين.
في الشق الثاني من الجلسة تم تناول الإطار القانوني الناظم لعمل الأجهزة الأمنية، كل على حدا، وقد تحدث فيها المستشارين القانونيين للأجهزة الأمنية، كما يلي: الرائد مأمون أبو فرحة عن قوات الأمن الوطني، والأستاذ فواز أبو زر عن المخابرات العامة، والرائد علي القيمري عن جهاز الشرطة، والرائد باهر الزير عن الأمن الوقائي. هذا وقد ترأست الجلسة الأستاذة عبير المشني، وعكان مقررا لها الأستاذة سناء الفقهاء.
كذلك جاءت الجلسة الثالثة والأخيرة، وهي بعنوان "في التعليم والتدريب الأمني"، بشقين اثنين: خصص الأول للحديث حول تجارب فلسطينية في التعليم والتدريب الأمني، فعرض الدكتور نايف جراد، القائم بأعمال رئيس الأكاديمية الفلسطينية للعلوم الأمنية، لتجربة الأكاديمية، مستعرضا البرامج التي تقدمها على درجتي البكالوريوس والدبلوم، وأشار إلى سعي الأكاديمية باتجاه التطور إلى جامعة فلسطين للعلوم الأمنية. ذلك فيما عرض الرائد شادي جبارين، المحاضر في كلية الشرطة، حول تجربة الكلية مقدما إحصائيات عن حجم الدورات التي عقدتها الكلية لرفع كفاءة وتأهيل منتسبي الشرطة. ذلك وقدم العقيد محمد أبو لبة، نائب رئيس هيئة التدريب العسكري، عرضا حول التدريب في قطاع الأمن من حيث الخطط والانجازات والاحتياجات، وقد عرض رسوما توضيحية لمشروع معهد التدريب العسكري في أريحا.
ذلك وجاء الشق الثاني من الجلسة ليناقش علاقة الأمن بالتعليم الجامعي والتعليم المدرسي، فقدم الدكتور أحمد الجنازرة، مدير وحدة ابن رشد للتطوير التربوي بجامعة بيرزيت، عرضا حول دور الجامعات في تطوير مناهج التعليم الأمني، فقسم دور الجامعات إلى بعدين: الأول من خلال كليات التربية التي تعمل على تدريب المختصين بما يعكس المنهاج الإجرائي أو الحقيقي، والبعد الآخر من خلال كليات الحقوق التي تعمل على التدريب على مواضيع متخصصة وتعزز مفهوم القانون وسيادته. ذلك فيما قدم الدكتور عمر أبو الحمص، مستشار مشروع المناهج الفلسطيني، عرضا حول التعليم المدرسي ومفهوم الأمن في المناهج المدرسية، متخذا من منهاج التربية المدنية للصف الثامن حالة دراسية. هذا وقد ترأست الجلسة الأستاذة لونا شامية، وكان مقررا لها الأستاذة إخلاص بدر.
وفي ختام المؤتمر تم التأكيد على أهمية متابعة النتائج والتوصيات التي خرج بها المشاركين، والتي سيتم إعدادها ضمن تقرير خاص بالمؤتمر سيقدم إلى الجهات ذات الاختصاص. هذا ويشار إلى أن هذا المؤتمر جاء ضمن "برنامج تعزيز الإدارة الرشيدة في قطاع الأمن الفلسطيني" الذي يقوم معهد الحقوق بتنفيذه، منذ صيف العام 2008، بتمويل من مؤسسة المستقبل.