ما ستؤول إليه القوانين في حال المصالحة الوطنية
وقد تحدث في اللقاء أستاذ القانون الدولي والخبير الحقوقي الدكتور علاء أبو طه، وفي البداية رحبت الأستاذة لينا التونسي منسقة أعمال المعهد في غزة بالمشاركين.
استهل الدكتور/ علاء أبو طه اللقاء بالحديث عن ازدواجية التشريعات وأثرها على التنظيم التشريعي وأهم الأسباب التي أدت لظهور هذه الازدواجية، فأشار أنه منذ بداية الانقسام في الأراضي الفلسطينية تفاقمت إشكالية التشريعات المطبقة في الأراضي التي تحكمها السلطة الفلسطينية، فعندما جاءت السلطة الوطنية عملت على فلسطنة التشريعات وإعطائها طابع فلسطيني يتماشى مع المصالح العامة للفلسطينيين وتميزت الفترة من 1996 إلى 2006 بتشريع العديد من القوانين المهمة التي نظمت مختلف جوانب الحياة، وأشار أن هذا لم يكن كافياً، حيث أن السلطة التشريعية كانت تعاني بالأصل من عدة إشكاليات على مستوى الفاعلية في أداء الأدوار التشريعية والرقابية، ثم جاءت فترة الانقسام لتعمق من هذه الإشكاليات بشكل خطير، أثر فعلياً على استقرار النظام التشريعي في الأراضي الفلسطينية.
ثم قام أبو طه باستعراض أهم الإشكاليات التي خلفتها ازدواجية التشريعات ومنها التناقض الواضح في القوانين وعدم شموليتها وصلاحيتها للتطبيق في كل الأراضي الفلسطينية. إضافة إلى وجود حالة من التبرير والشرعنة والتأسيس لحالة التشريع المصلحي. وأضاف أن التشريعات المطبقة في فترة الانقسام قد أحدثت مراكز قانونية جديدة، و أصبح من الصعب التحكم فيها أو إعادتها، فهي مراكز نافذة بقانون صدر في ظل الانقسام و يجب عدم المس بها و المحافظة عليها، حيث من الصعب الغاء القرارات و الأحكام الصادرة عنها. وأشار أن من الإشكاليات أيضاً أنه قد غلب الطابع الاقتصادي على التشريعات الصادرة في قطاع غزة والقرارات الرئاسية الصادرة في الضفة الغربية، بحيث قام التشريعي بغزة بسن قانون الموازنة العامة بشكل منفرد، وكذلك الأمر في الضفة، بالإضافة إلى سن وإقرار العديد من التشريعات المتعلقة بالضريبة، وحركة الأموال، والاستثمار، والشركات، والموارد، والنظم المالية، كما استعرض المتحدث الحلول الممكنة حيث أشار أن أي معالجة للإشكاليات التي افرزها الانقسام لا بد أن تكون مبنية على قواعد وأسس متينة للشراكة الايجابية بين مؤسستي التشريعي والرئاسة كفاعلين مباشرين، ولأن هاتين المؤسستين هما المنوط بهما أساساً مهمة التشريع والمصادقة والإصدار، فإنه يجب أن تتحمل كل جهة مسؤوليتها الكاملة في حل المشكلات التي ترتبت عن حالة الازدواج والفوضى التشريعية، وأن تتبنى مقاربات قانونية واضحة لعلاج تلك المشكلة. وتناول أيضاً في حديثه عن المخارج والحلول دور الفاعلين غير المباشرين، وهي الأدوار التي يمكن أن تقوم بها وتقدمها القطاعات المعنية المختلفة، فكل قانون يمس جهة معينة، وهذا بدوره يلقي بمسؤوليات على مؤسسات المجتمع المدني ومراكز حقوق الإنسان، وكذلك الإعلام، وممثلي القطعات المختلفة والنقابات، لتمثيل الناس والتأثير باتجاه الحفاظ على مصالح الفئات المختلفة.
ثم انتقل للحديث عن المقترحات المطروحة بعد المصالحة الوطنية وأبرزها إنشاء لجنة من قانونيين وحقوقيين وخبراء وبمشاركة قطاعات معنية تمثل المستوى الرسمي والمجتمعي وإعداد خارطة طريق لحل مختلف المشكلات المتعلقة بازدواجية القوانين وسبل توحيدها.
في ختام اللقاء تم فتح باب النقاش الذي تخلله العديد من الأسئلة و المداخلات والتوصيات والتي من أهمها مستقبل التشريعات خصوصاً بعد التوافق الوطني، وأن يكون هذا الملف محل توافق تام على كافة الإجراءات التي يمكن تبنيها للوصول إلى نظام قانوني وتشريعي موحد، وإلغاء حالة الانقسام التشريعي والازدواجية وتطوير منظومة التشريع بشكل عام.