واقع تطبيق اتفاقية سيداو، التجربة الإيرانية مثالا
افتتح اللقاء القانوني مدير معهد الحقوق الأستاذ جميل سالم، مقدماً نبذة تعريفية بالبروفيسورة شنايدر، والتي تشغل أيضاً عضو مجلس الشيوخ في مقاطعة غوتنجن، وترتكز أبحاثها على قانون الأسرة والقانون العام، والتاريخ الإسلامي القديم، والنوع الإجتماعي وغيرها من القضايا.
وفي بداية اللقاء عرفت البروفيسورة باتفاقية القضاء على كافة مظاهر التمييز ضد المرأة لسنة 1979 وتعرف هذه الاتفاقية التمييز ضد المرأة بأنه: تقييد يفرض على أساس الجنس ويكون لغاية تعطيل تمتع النساء بحقوقهن، بغض النظر عن حالتهن الزوجية والجوانب الإجتماعية والإقتصادية...
كما قامت بتوضيح مسألة تطويع/ تنفيذ الاتفاقيات الدولية بشأن حقوق الإنسان في المجتمعات والدول والثقافات المختلفة أو وصولها إليها، وهي عملية تتسم بالتعقيد ولا يمكن فهمها وسبر غورها بسهولة، كما تطرقت المتحدثة إلى هذه العملية في سياق استعراض مثال على النقاشات التي تدور حول الإتفاقية بشأن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وأشارت المتحدثة إلى أنه يشترط في الدول التي تصادق على الإتفاقيات الدولية، كاتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، أن تدرج المساواة بين الجنسين في تشريعاتها الوطنية، وخلال العمل على سن التشريعات الوطنية يثور التساؤل المتعلق بكيفية تحويل مواد الاتفاقية إلى قوانين وطنية، وكيف يفهم مصطلح المساواة بين الجنسين، وكيف يجري تفسيره؟.
تناولت المتحدثة هذه المواضيع في التجربة الإيرانية من خلال تحليل بعض الكلمات المفتاحية المهمة، من قبيل "الحركة النسوية" و "الفقه الإسلامي"، واستعمال المصطلحات، كمصطلح المساواة بين الجنسين الذي يوظفه أكثر من فقيه قانوني في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث ركزت المتحدثة بصورة رئيسية على مفهوم "المساواة بين الجنسين"، ومحاولة فهم أدوار النوع الإجتماعي ومفاهيمه –والتراتبية الهرمية للنوع الإجتماعي- التي ترتبط بالمساواة بين الجنسين.
كما تحدثت عن أسباب تعطل تطبيق الإتفاقية، من خلال تحليل آراء عدد من الفقهاء الإيرانيين، منهم "مطهري" وهو ايدولوجي ايراني توفي في (1979)، وتعتبر كتاباته مؤثرة، حيث ينظر لتساوي الجنسين في الإسلام، ويذكر المساواة كما هي في الغرب، ويرى ضرورة المساواة في الحقوق القانونية بين الجنسين، وأن التساوي جزء من الطبيعة الإنسانية، ويشير إلى أن الإسلام لا يعارض مفهوم المساواة، ولكنه يعارض التشابه بين الرجال والنساء، وأورد مثالا على ذلك من خلال إشارته إلى أن تعدد الأزواج، بخلاف تعدد الزوجات، يتعارض مع الطبيعة الإنسانية، وأشارت المتحدثة إلى أن هذا الرأي يتعارض مع الإتفاقية بشأن المساواة.
كما أوردت المتحدثة رأي فقيهة أخرى وهي "أوزلان" التي ترى أن هناك مفاهيم أخرى يجب الانطلاق منها لبحث مواضيع الأدوار بين الرجل والمرأة وأهمها فكرة التشابه بين الجنسين وليس التساوي، والسبب أن هناك اختلافات بيولوجية وسيكولوجية بين الرجال والنساء، ويؤكد عليها القرآن، وترى أن هناك مواد في الإتفاقية تتعارض مع تعاليم الإسلام الموجودة في القرآن، لأن الإسلام لا يقبل التساوي المطلق بين الجنسين، والتساوي ليس مفهوم إسلامي.
أما الفقيهتان الرئيسيتان التي ذكرت المتحدثة أهم آرائهما فيما يخص الإتفاقية، فهما "مولافيردي" وهي فقيهة قانونية على اطلاع واسع بقانون الأسرة، وقد عينها الرئيس روحاني مؤخرا وزيرة شؤون المرأة، و"ألاسفاند" البروفيسورة في جامعة الزهراء (حوزة الزهراء النسوية) في مدينة "قم". حيث ترى مولافيردي أن الإتفاقية جيدة ومقبولة من ناحية منظور الدولة الإسلامية، وتستشهد بالمصلحة، وهو مفهوم غريب على الفقه الشيعي ويستخدم كمبدأ توجيهي في الحكم، ولا ترى الفقيهة أي مشكلة في المصادقة على الإتفاقية ودمجها في السياق الإيراني، والعمل على ترجمة المصطلحات الواردة فيها خاصة في مجال المساواة بين الجنسين والنوع الإجتماعي. أما "ألاسفاند" فقد أشارت المتحدثة إلى أنها لا تقبل الإتفاقية وأن ايران غير مستعدة للمصادقة عليها وأن المصطلحات الدولية معقدة.
واختتم اللقاء بنقاش من قبل المشاركين، وتمحورت أهم النقاشات والمقترحات حول التعريف بأهمية الحملات التي قادتها الحركات النسوية في ايران بهدف تغيير القوانين لصالح حقوق المرأة، وتوضيح الفرق ما بين مفهومي الجنس والنوع الإجتماعي، وضرورة العمل على تطوير قوانين الأحوال الشخصية في فلسطين. وقد حضر اللقاء العديد من الجهات والمهتمين وقد جاء تنظيمه في إطار الشراكة مع مؤسسة كونراد أديناور الألمانية.