العدالة الانتقالية في جنوب أفريقيا: دروس وعبر للحالة الفلسطينية
تحدث فيه السيد يان هوفماير، رئيس برنامج السياسات و التحليل في معهد العدالة والمصالحة في جنوب أفريقيا، وبمشاركة نخبة من القانونيين والأكاديميين وممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية.
واستهل السيد هوفماير اللقاء بالترحيب بالحضور، والشكر لمعهد الحقوق على تنظيمه اللقاء، وفي ذات الوقت عبر عن شعوره بالإمتياز لتواجده بيننا، ومشاركته لنا تجربة بلاده في تحقيق العدالة الانتقالية، مؤكداً على أهمية أن يكون النقاش متبادل ليتمكن من فهم الظروف التي يعيشها المجتمع الفلسطيني، والتحديات التي يواجهها.
وفي بداية اللقاء، أشار السيد هوفماير أن تحقيق العدالة الانتقالية في أي مكان يستلزم توافر ظروف السلام، وأن يكون هناك اتفاق بين أطراف النزاع، وهذا ما لا يتفق مع الحالة الفلسطينية، إذ لم يتم التوصل بعد إلى سلام، وبالتالي، لا يمكن لنا الحديث عن عدالة انتقالية في ظل استمرار الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأشار إلى أن بداية العملية الانتقالية في جنوب افريقيا كانت في العام 1994، إذ عقدت لأول مرة انتخابات ديمقراطية، لدرجة أن البعض أطلق عليها الانتخابات المعجزة نظراً للظروف التي سبقتها من توتر سياسي، ومذابح واغتيالات، وقد تبع هذه الانتخابات تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤلفة من كافة الاحزاب السياسية، وجرى خلال هذه الفترة اقرار دستور نهائي للبلاد.
وأكد السيد هوفماير في حديثه أنه كان لا بد لنا من أجل إنجاح عملية العدالة الانتقالية، التعامل مع جذور الصراع في جنوب افريقيا، وتاريخ التمييز العنصري فيها، بمعنى أنه يجب التصالح مع الماضي، وفي سبيل تحقيق ذلك، تم تشكيل لجنة للمصالحة، لتتولى القيام بهذه المهمة، إلا أنه كان من الصعوبة بمكان الحصول على وثائق تثبت الجرائم التي حصلت في الماضي، مما حدا باللجنة إلى إتباع تدابير معينة، كتدابير العفو، ومقتضاها العفو عن مرتكبي الجرائم مقابل الافصاح بما لديهم من معلومات ووثائق تفضح ما حصل في السنوات الماضية.
وبعد ذلك، انتقل السيد هوفماير للحديث عن الظروف أو العوامل التي ساهمت في الوصول إلى العدالة الانتقالية في جنوب إفريقيا، حيث أشار أن العامل الأول، يتعلق بالمجتمع الدولي، والدور الهام الذي لعبه في عمليتنا الانتقالية. وأشار في هذا الجانب، أنه وبحديثه مع العديد من الأشخاص في فلسطين، شعر أن غالبية المجتمع الفلسطيني لم تعد تؤمن بالمجتمع الدولي، وبالدور الذي يمكن أن يلعبه في العملية الانتقالية، وأكد هنا، أن هذا الشعور كان لفترة من الوقت هو ذات الشعور لدى سكان جنوب إفريقيا، ولكنه تغير بفضل ما كانت تقوم به حركات التحرر، إذ نجحت هذه الحركات في نقل رسالة موحدة إلى العالم الخارجي حول ما يحدث في جنوب إفريقيا، وكانت تركز بشكل أساسي على العقوبات المفروضة على جنوب أفريقيا في تلك الفترة.
أما بالنسبة للعامل الثاني، فيتعلق بانهيار الاتحاد السوفيتي، وبالتالي أصبحت مسألة استمرار العداء المسلح مكلفة سواء من المنظور الأخلاقي أو المادي. وتابع أن العامل الثالث، هو أن الانقسام بين الأطراف المتنازعة، لم يكن بحجم كبير في السنوات التي سبقت التحول الديمقراطي في جنوب أفريقيا، بل على العكس من ذلك، كان هناك توافق بين كافة الاحزاب السياسية. أما بالنسبة للعامل الرابع، فيتمثل في القيادة الحكيمة، ومدى احترام أفراد المجتمع لهذه القيادة ، وأشار هنا، أن الشعب في جنوب إفريقيا كان محظوظاً بقيادته، حيث كان كل من الرئيسين السابقين دي كليرك ونيلسون مانديلا أقوياء وقادرين على قراءة السياق العالمي المتغير، وعلى الاستمرار في المفاوضات.
اختتم اللقاء بطرح المداخلات والتوصيات من قبل الحضور، أهمها التأكيد على ضرورة التركيز على العدالة الانتقالية بالشكل الكافي لتحويلها إلى مرحلة مستمرة، وليس مجرد لحظة يستفاد منها في ظروف معينة.
المتكلمون
1. السيد هوفماير
مكان الإنعقاد
معهد الحقوق - جامعة بيرزيت
تاريخ الإنعقاد
2014-10-16