فلسطين دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة: الأبعاد القانونية والسياسية
افتتح اللقاء الدكتور مصطفى مرعي، أستاذ القانون الدولي والباحث الرئيسي في معهد الحقوق، مرحبا بالضيوف، مشيداً بالاهتمام الكبير بالموضوع، الذي عبّر عنه الحضور الغفير، وقال د. مرعي أن هذا الحضور إن دل على شيء فإنما يدل على أهمية الموضوع، وتمنى أن يكون اللقاء بناءً ومفيداً.
ثمّ تحدّث الدكتور عبد الرحمن إبراهيم، رئيس دائرة العلوم السياسية في كلية الحقوق والإدارة العامة في الجامعة حول الأبعاد السياسية للخطوة المذكورة، مؤكّداً على أهمية الموضوع وجديته، حيث خلق واقعاً جديداً يتطلب استخدام آليات وخطاب سياسي فلسطيني جديد. وأشاد الدكتور إبراهيم بنسبة التصويت المرتفعة إلى جانب فلسطين في الجمعية العامة. وركز المتحدث على أهمية توحيد الصف الفلسطيني كجزء أساسي من إستراتيجية جديدة مطلوبة في ظل الواقع الجديد. وأثار د. ابراهيم مجموعة من الأسئلة يتعين البحث فيها والاجابة عنها للتعامل الفلسطيني مع الواقع الجديد، كتشكيل حكومة مؤقتة سواء تحت الإحتلال أو في الخارج، ودستور جديد، وطرح موضوع الدولة تحت الاحتلال في أروقة الأمم المتحدة. وفي النهاية أشار المتحدث لأهميّة أن يركز الجهد الفلسطيني في المرحلة القادمة على كيفية إزالة آثار الاحتلال ككل، بدل معالجة الجزئيات.
وفي الشق القانوني، تحدثت الأستاذة ريم البطمة، الباحثة القانونية في معهد الحقوق والمحرر المساعد لكتاب فلسطين السنوي للقانون الدولي، عن علاقة القانون بالسياسة وتأثير ذلك على الوضع الفلسطيني، فأشارت إلى أن القانون، بما في ذلك القانون الدولي، لا يكون دوماً في مستوى أعلى من الواقع. وتحدثت الاستاذة ريم عن بعض المفاهيم المتصلة بالموضوع، كالعضوية الكاملة، والعضو المراقب، والأخير هو ما أقر لفلسطين يوم 29 تشرين ثاني 2012، مشيرة إلى أن العضوية الكاملة كان قد قدم بشانها طلب في أيلول 2011، لكنه فشل حتى اللحظة بسبب عدم استكمال الإجراءات المطلوبة نتيجة للفيتو الأمريكي في مجلس الأمن. وقالت أن صفة المراقب التي حصلت عليها فلسطين لا تغير من الحال كثيراً، خاصة وأن منظمة التحرير الفلسطينية تمتّعت منذ عقود، كحركة تحرر وطني، بهذه الصفة، وإن كان قد يفتح المجال لاستخدام بعض الآليات الدولية التي لم تكن متاحة حتى اللحظة، كاللجوء للمحكمة الجنائية الدولية من أجل ملاحقة مرتكبي الجرائم الواقعة ضمن اختصاصها. وفرقت الاستاذة ريم بين قيام الدولة واقعياً وبين الاعتراف أو الانضمام للأمم المتحدة وأثره على قيام الدولة، فالأخير كاشف وليس منشىء، فسويسرا على سبيل المثال لم تنضم الى الأمم المتحدة حتى عام 2002 ولم ينكر أحد قبلها وجودها كدولة.
ثم تحدثت المستشارة السابقة لمنظمة التحرير الفلسطينية الاستاذة ديانا بطو، مؤكدة على الأهمية الرمزية للقرار، أي النصر المعنوي الذي أحدثه القرار في نفوس الفلسطينيين، وأكدت على أهمية استغلال القرار واستكمال العمل من أجل الحصول على العضوية الكاملة وإنهاء الاحتلال للأراضي المحتلة، محذرةً في الوقت ذاته من التقاعس عن استغلال القرار واستكمال الإجراءات المطلوبة، فحينها لن تأتي الخطوة الأخيرة بنتائجها المرجوة.
تخلل اللقاء طرح العديد من التساؤلات والمداخلات التي أثرت النقاش، تركزت حول ضرورة وضع الخطط واستخدام الآليات في الإطار القانوني والسياسي من أجل استغلال القرار نحو بناء الدولة وكنس الاحتلال. وفي الختام أكد الدكتور مرعي على خلاصة اللقاء التي تمثّلت في أمرين هامين: أولهما اتفاق على أن الخطوة تمثّل انجازاً في حد ذاتها، وثانيهما أنه لكي يتم حصد نتائج أعظم لقرار الجمعية العامة يتعيّن البدء، على وجه السرعة، بجهد وطني، جاد، مركّز ومفصّل، لدراسة والتعرف على الخيارات المتاحة المختلفة، وتبيان متطلبات وتبعات كل منها، ودور الجهات المختلفة.